وجاء هذا القرار بعد سلسلة من الإجراءات التي استهدفت شركات مثل آبل، ميتا، ومايكروسوفت في بداية الصيف. ويؤكد المسؤولون الأوروبيون أن المزيد من الإجراءات ستتخذ بحلول نهاية العام، بما في ذلك فتح تحقيقات جديدة وإضافة أسماء أخرى إلى قائمة المنصات الخاضعة للوائح الأوروبية.
قوانين صارمة ومزيد من التحقيقات
تشمل الحملة الأوروبية الحالية قانونين معروفين عالميًا: قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلق بالمحتوى على الإنترنت، وقانون الأسواق الرقمية (DMA) الذي يركز على تعزيز التنافسية. ومنذ بدء تطبيق قانون الأسواق الرقمية، فتح الاتحاد الأوروبي عدة تحقيقات، وضغط بشدة على شركة آبل، مما اضطرها إلى تقديم تنازلات غير مسبوقة للتكتل الأوروبي، حيث سُمِح بتنزيل متجر “إبيك غايمز” على هواتف آيفون في أوروبا، وهو ما لا يُطبق في أي مكان آخر.
وفي هذا السياق، تشير النائبة في البرلمان الأوروبي ستيفاني يون كورتان إلى أن “المفوضية الأوروبية تقوم بمهمة تطبيق قانون الأسواق الرقمية بموارد محدودة وضمن مهلة قصيرة”. ويتفق جان بينفرا، الخبير في منظمة “الحقوق الرقمية الأوروبية” (EDRI)، مع هذا الرأي قائلاً: “هذه ليست سوى البداية”.
خلافات واهتمامات إعلامية
تحاول آبل الدفاع عن بعض بنود قانون الأسواق الرقمية بحجة أنها قد تنتهك خصوصية المستخدمين وسلامة البيانات. وكانت الشركة الأمريكية العملاقة أول من اتُهم رسميًا بمخالفة أحكام هذا القانون في يونيو الماضي، وهي تواجه عقوبات قاسية إذا لم تلتزم بتقديم أجوبة مرضية للمفوضية الأوروبية.
كما سيكون هناك اهتمام كبير بالقضية المتعلقة بمنصة “إكس” (تويتر سابقًا) وتقييم مدى السلطات الجديدة الممنوحة للاتحاد الأوروبي. فقد أثارت أحكام قانون الخدمات الرقمية المتعلقة بمكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية مواجهة حادة بين الملياردير إيلون ماسك والمفوض الأوروبي المكلف بالمسائل الرقمية تييري بروتون. وقد يؤدي استمرار الانتهاكات إلى فرض غرامات على المنصة، وربما يصل الأمر إلى حظرها بالكامل في الاتحاد الأوروبي.
تداعيات قانونية ومعارك طويلة
يركز قانون الأسواق الرقمية على تقليل مدة التحقيقات المتعلقة بقضايا المنافسة، والتي كانت تستغرق سنوات. ومع تطبيق هذا القانون، تقلصت مدة التحقيقات إلى 12 شهرًا فقط. ومع ذلك، تمتلك الشركات المستهدفة حق الطعن في القرارات أمام محاكم الاتحاد الأوروبي، مما ينذر بمواجهات قانونية طويلة الأمد.
وفي مواجهة هذه الضغوط، تحاول شركات التكنولوجيا الكبرى ممارسة ضغوطها الخاصة. فمثلاً، أعلنت آبل في يونيو أنها ستؤجل إطلاق ميزات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي، متذرعة بـ “غموض اللوائح”. ويعتقد جان بينفرا أن مثل هذه التصريحات تهدف إلى “الضغط على المفوضية الأوروبية لتخفيف التشدد في تطبيق القوانين”.
من جهة أخرى، يرى دانيال فريدلاندر، مدير جمعية “سي سي آي إيه أوروبا” التي تمثل لوبي شركات التكنولوجيا، أن التركيز يجب أن يكون على “إقامة حوار حقيقي بين المفوضية الأوروبية والشركات المعنية”، بدلاً من التركيز على التدابير العقابية.
لكن يبدو أن المفوضية مصممة على المضي قدمًا لضمان عدم إفلات أي شركة، سواء في قطاع التكنولوجيا الرقمية أو الذكاء الاصطناعي، من الضوابط الأوروبية.